إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
تفسير سورة الكهف
31817 مشاهدة
نسيان الحوت

يقول الله تعالى: فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا أي: وصلا إلى ذلك المكان الذي قصداه، وهو مجمع البحرين نَسِيَا حُوتَهُمَا نسياه: أي غفل عنه الغلام الذي هو يوشع ولما غفل عنه؛ قام أو عاش الحوت، ودخل البحر.
فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا هكذا جاء في الحديث، وفي الآية: أن هذا الحوت ناله شيء من رشاش البحر؛ فلما ناله عاش، وتحرك وحي بعد ما كان ميتا، ثم دخل في البحر، ولما دخل في البحر دخل في وسط البحر؛ فجعل الله طريق ذلك الحوت يبسا، لم يبتل بالماء، ولم يبتل، ولم يغمره الماء، صار طريقه في وسط البحر، كأنه سرداب، أو كأنه طريق يابس، إما كأنه مثل الكوة في لجة البحر، حتى يدخلان معه، ويقطعان تلك المسافة، وإما أن البحر انجزر عن طريقه، فصار طريقين فصار البحر قسمين: قسم من هنا، وقسم من هنا، وبينهما مجرى الحوت الذي سار معه الحوت فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا يعني: سربا مسلوكا، فلما فقداه سار بعد ذلك موسى هو وفتاه، وتجاوزا المكان الذي فيه الخضر فلما سارا سيرا طويلا، ووصلا إلى أو جاءهما وقت الظهيرة أحسا بالتعب، وأحسا بالنصب.